بين النفس والأسير – من تغريدات الحارث المحاسبي 25

قُلْتُ: قَدْ أَجِدُ بَيْنَهَا (النفس) وَبَيْنَ الْأَسِيرِ فَرْقًا، لِأَنَّ الْأَسِيرَ لَا يَرَى الْخَيْرَ فِيمَا يُرَادُ بِهِ، وَهِيَ قَدْ عَلِمَتْ أَنَّ مَا يُرَادُ مِنْهَا خَيْرٌ لَهَا.

قَالَ: فَقَدْ سَاوَتِ الْأَسِيرَ فِي مُخَالَفَتِه، وَفَضَلَتْ عَلَيْهِ فِي الشَّرِّ! إِنَّهَا أَبَتْ وَعَصَتْ عَنْ مَعْرِفَةٍ وَبَيَانٍ، وَالْأَسِيرُ أَبَى وَعَصَى عَنْ جَهَالَةٍ وَعَمًى، وَلَعَلَّهُ لَوْ عَلِمَ مَا يُرَادُ بِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ وَالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفْرِ وَدَارِ الْحَرْبِ الَّتِي أَهْلُهَا مُحَارِبُونَ لِلَّهِ -عَزَّ، وَجَلَّ!- وَلِدِينِهِ، لَأَجَابَكَ طَائِعًا، وَأَبْغَضَ الرُّجُوعَ إِلَى بِلَادِهِ؛ فَهِيَ شَرٌّ وَأَعْجَبُ عِصْيَانًا وَإِبَاءً مِنَ الْأَسِيرِ؛ إِذْ عَصَتْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّكَ إِنَّمَا تَدْعُوهَا إِلَى نَجَاتِهَا وَتُجَانِبُ بِهَا هَلَكَتَهَا. وَقَدْ نَجِدُ بَعْضَ الْأُسَرَاءِ مُشْبِهًا لَهَا فِي جَمِيعِ أُمُورِهَا، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْأَسِيرُ يَعْرِفُ الْإِيمانَ وَفَضْلَهُ كَمَا وَصَفَ اللَّهُ -عَزَّ، وَجَلَّ!- بِهِ بَعْضَ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَيُجَانِبُونَهُ -في الأصل “يجانبوه”ØŒ والصواب إن شاء الله ما أثبتّ- بَعْدَ الْعِلْمِ، فَقَالَ: “فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ”ØŒ وَوَصَفَ إِبْلِيسَ أَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ ثُمَّ عَانَدَ بَعْدَ عِلْمٍ، وَقَالَ -عَزَّ مِنْ قَائِلٍ!-: “وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ”.

Related posts

Leave a Comment